النانو في الزراعة: كيف تساهم تكنولوجيا الطب في مجال الزراعة

النانو في الزراعة: كيف تساهم تكنولوجيا الطب في مجال الزراعة

هل يمكن استعمال تكنولوجيا النانو في الزراعة؟ مع النمو السكاني المتزايد وارتفاع الطلب على الغذاء، يتم الآن دراسة تطبيق التقنيات المتقدمة التي كانت تُستخدم في السابق للتطبيقات الطبية في المجال الزراعي. حيث يرى العلماء أنه من الممكن الاستفادة من نفس الدقة المستخدمة في إيصال الأدوية إلى خلايا معينة داخل جسم الإنسان لتحسين كفاءة الزراعة. يستكشف باحثون من جامعة كاليفورنيا وجامعة كارنيجي ميلون كيف يمكن للنانو تكنولوجيا أن تحدث ثورة في قطاع الزراعة في ورقة بحثية نُشرت في مجلة (Nature Nanotechnology).

النانو تكنولوجيا: حجم صغير، تأثير كبير

تتعامل النانو تكنولوجيا مع دراسة وتصميم هياكل صغيرة للغاية. حيث يبلغ حجم النانومتر واحدًا من مليار متر. أي ما يقارب 100،000 مرة أصغر من عرض شعرة الإنسان. وقد أحدثت هذه التقنية تحولًا كبيرًا في مجال الطب من خلال إتاحة إيصال الأدوية بشكل موجه ودقيق. ومع ذلك، لا تزال إمكاناتها الهائلة في علم النبات والزراعة غير مستغلة بشكل كامل.

الحاجة الى تغيير جذري..

في الوقت الحالي، غالبًا ما ترتبط الممارسات الزراعية التقليدية بإهدار كبير للموارد. حيث تشير الدراسات إلى أن جزءًا صغيرًا فقط من الأسمدة والمبيدات الحشرية المستخدمة يصل إلى أهدافه المقصودة. يمكن أن يؤدي الجزء المتبقي إلى تلويث التربة ومصادر المياه، مما يؤثر سلبًا على البيئة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الاستخدام غير الفعال لهذه المواد إلى زيادة تكاليف الإنتاج. تلعب الزراعة أيضًا دورًا رئيسيًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. حيث تساهم بما يصل إلى 28% من إجمالي الانبعاثات. وعند اقترانها بتحديات مثل الطقس القاسي والآفات وتدهور التربة، تبرز الحاجة الملحة إلى ابتكار ممارسات زراعية جديدة.

تقدم تقانة النانو حلاً محتملاً لهذه المشكلات. حيث يحاول الباحثون تطوير جزيئات نانوية مغلفة بجزيئات معينة من سكريات أو ببتيدات يمكنها التعرف على البروتينات الموجودة على خلايا النبات. بعد ذلك، يمكن لهذه الجزيئات النانوية “الذكية” توصيل العناصر الغذائية الأساسية أو المبيدات الحشرية أو مبيدات الأعشاب مباشرة إلى المنطقة المستهدفة. مثل نظام الجذور أو الأنسجة المصابة. يمكن لهذه الطريقة المستهدفة الدقيقة أن تقلل بشكل كبير من النفايات والتلوث البيئي المرتبط بالطرق التقليدية.

الذكاء الاصطناعي والزراعة المستدامة

هناك مجال واعد آخر يتضمن استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. في الطب، يستخدم الباحثون نماذج الكمبيوتر لمحاكاة كيفية تفاعل الأدوية مع جسم الإنسان. وبالمثل، يدرس علماء النبات إنشاء “توأم رقمي” للنباتات باستخدام الذكاء الاصطناعي. يمكن لهذه النماذج الرقمية أن تساعد في تصميم حاملات نانوية. وهي عبارة عن أوعية توصيل مجهرية. مصممة لنقل العناصر الأساسية إلى أجزاء نباتية محددة.

من خلال تقليد تقنيات توصيل الأدوية المستهدفة المستخدمة في الطب. تتمتع تقنية النانو بإمكانية إحداث ثورة في مجال الزراعة. حيث يمكن أن يؤدي هذا إلى تطبيق أكثر دقة للموارد، وتقليل التأثير البيئي، وزيادة كبيرة في إنتاج المحاصيل. ورغم كل ذلك، من المهم أن ندرك أن هذا مجال ناشئ مازال يواجه تحديات تقنية تحتاج إلى المعالجة قبل الاعتماد على نطاق واسع.

في الختام..

هناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحث لضمان سلامة وفعالية المواد النانوية في التطبيقات الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إجراء تقييمات التأثير البيئي على المدى الطويل أمر ضروري. وعلى الرغم من هذه التحديات، تقدم تقانة النانو في مهدها طريقا واعدًا لممارسات الزراعة المستدامة. التي يمكن أن تساهم في تحقيق الأمن الغذائي للأجيال القادمة.

من اعداد: جميل قروش