بداية عصر الذكاء الاصطناعي | التكنولوجيا الثورية لخدمة الانسانية

بداية عصر الذكاء الاصطناعي | التكنولوجيا الثورية لخدمة الانسانية

مؤخرا قال بيل غيتس اننا دخلنا عصر الذكاء الاصطناعي، وشهدنا انتشار استعمال Chat GPT بشكل رهيب، بالإضافة الى ازدياد استعمال مصطلح الذكاء الاصطناعي أو Artificial Intelligence (AI)، فهل حقا قد خطونا عتبة عصر الذكاء الاصطناعي؟

مبدأ الذكاء الاصطناعي هو محاكاة طريقة تفاعل واستيعاب العقل البشري. حاليا، قد أصبح الذكاء الاصطناعي جزء مهما في كل نواحي الحياة ومجالاتها. لقد أصبحنا نستعمل ونستهلك خدمات ومنتجات الذكاء الاصطناعي حتى بدون ان ندري. من التوصيات للمحتوى الالكتروني من موسيقى وافلام وبرامج، الى الكاميرات الذكية وصولا الى السيارات ذاتية القيادة وغيرها، لقد أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرا مدمجا في حياتنا حتى قبل ان يصل مرحلة النضوج. لقد أصبح بشكل سريع جدا الركيزة الرئيسية للابتكار. سنتعرف في هذا المقال على هذه التكنولوجيا الثورية وكيف تخدم الانسانية.

أهم ما جاء في هذا المقال

  • لقد بدأ عصر الذكاء الاصطناعي وأصبح سهل الوصول للجميع أكثر من أي وقت مضى.
  • تتعدد تعاريف الذكاء الاصطناعي، لكنها تصب في مفهوم واحد وهو قدرة الآلات والبرامج على محاكاة القدرات الذهنية البشرية واتخاذ سلوك ذكي.
  • مر الذكاء الاصطناعي بعدة مراحل من البدايات، الشتاء الاول، ازدهار الالة، الشتاء الثاني، وصولا الى العصر الحديث.
  • خرج مصطلح الذكاء الاصطناعي للمرة الاولى من مشروع دارتموث والذي هو ورشة عمل صيفية انعقدت في عام 1956 في كلية دارتموث، جمعت بين أربعة باحثين، وهدفت الى القيام بأبحاث عن وسائل تجعل الآلة قادرة على محاكاة بعض من جوانب الذكاء البشري.
  • للذكاء الاصطناعي أربع تقنيات هي: تعلم الالة، ومعالجة اللغة الطبيعية، ورؤية الحاسب، والأتمتة والروبوتات.
  • يصنف الذكاء الاصطناعي في اربعة انواع هي: الآلات التفاعلية، والذاكرة المحدودة، ونظرية العقل، الوعي الذاتي.
  • يستخدم الذكاء الاصطناعي في اغلب المجالات منها التعليم والصحة والتسويق والفضاء.
  • ينقسم الجمهور الى معسكرين، معسكر متخوف من الذكاء الاصطناعي ومعسكر مشجع له.

مفهوم الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligen

وضع جون مكارثي مصطلح الذكاء الاصطناعي سنة 1955 وعرفه بأنه علم وهندسة صنع آلات ذكية. لكن بالرغم من قِدم ظهور المصطلح وانتشار تقنياته مؤخرا، الا انه لم يتم الاتفاق على تعريف موحد من قبل الباحثين. لذا نجد عدة تعريفات لمفهوم الذكاء الاصطناعي، نذكر منها:

  • هو ذكاء البرامج والآلات الذي يحاكي القدرات والأنماط الذهنية البشرية، على سبيل المثال القدرة على التعلم ورد الفعل والاستنتاج بدون حاجة الانسان الى برمجتها.
  • الذكاء الاصطناعي هو مجال أكاديمي يهتم بصنع البرامج والحواسيب التي لديها القدرة على اتخاذ سلوكيات ذكية.
  • وفقا لأغلب الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، فهو دراسة وتصميم أنظمة ذكية لها القدرة على ان تستوعب بيئتها وان تتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها.
  • الذكاء الاصطناعي هو مجموع الأنظمة التي تستخدم تقنيات قادرة على جمع البيانات واستخدامها للتنبؤ أو التوصية أو اتخاذ القرار بتحكم ذاتي متفاوت المستويات، واختيار أفضل إجراء لتحقيق أهداف محددة.
  • الذكاء الاصطناعي هو التقنيات التي تستعملها الآلات بهدف محاكاة الذكاء البشري في التفكير وإدراك الظروف المحيطة واتخاذ القرارات والتصرف.

مراحل تطور الذكاء الاصطناعي

عبر السنوات المختلفة تطور الذكاء الاصطناعي، ومر بالعديد من المراحل، منها موجات من الازدهار والركود، التي يمكن ان نلخصها في المراحل التالية:

1. بدايات الذكاء الاصطناعي (1940-1956)

تعتبر اربعينيات القرن الماضي المرحلة الأولى لبداية عصر الذكاء الاصطناعي، حيث قام مجموعة من العلماء باقتراح نموذج من الخلايا العصبية الاصطناعية. بعدها في الخمسينيات تبلور مفهوم الذكاء الاصطناعي بشكل أبرز. أين يعتبر العالم البريطاني آلان تورنغ (Alan Turing) من أهم المؤثرين في مسار الذكاء الاصطناعي حيث نشر مقال بعنوان “آلات الحوسبة والذكاء” (Computing Machinery and Intelligence) في سنة 1951. وهو المقال الذي اقترح فيه “لعبة المحاكاة” والتي تعرف كذلك بـ “اختبار تورنغ”.

في سنة 1956، تم التأسيس للذكاء الاصطناعي كعلم حقيقي من خلال “مشروع دارتموث البحثي حول الذكاء الاصطناعي” والذي سنتعرف عليه بتفصيل أكثر لاحقا في هذا المقال.

2. الشتاء الأول للذكاء الاصطناعي (1974-1980)

من فترات الركود التي شهدها تطور الذكاء الاصطناعي هي فترة الستينات، فقد تغلب طفل ذو عشر سنوات على جهاز كمبيوتر في لعبة الشطرنج. كان ذلك في سنة 1965، وبعدها بسنة تعرض الذكاء الاصطناعي الى دعاية سلبية بدأت بتقرير أصدره مجلس الشيوخ الأمريكي والذي أشار الى القيود المتأصلة في الترجمة الآلية.

الا ان الحال بدأ بالتغير تدريجيا في السبعينات، فقد بدأ الباحثون في الاهتمام أكثر بهذا المجال وظهرت مجالات فرعية منه، وتم استخدام الحاسوب لترجمة اللغات وفهم لغة البشر والتعرف على الصور، وبفضل ذلك عرفت هذه المرحلة بالشتاء الأول للذكاء الاصطناعي.

3. بداية ازدهار تعلم الالة (1980-1987)

بداية الازدهار كانت مع الانظمة الخبيرة وهي أنظمة تحاكي عملية اتخاذ القرار. ما سمح بتدفق الاستثمارات بمليارات الدولارات في هذا المجال ابتداء من سنة 1989. في نفس الفترة قام تيري سيجنوسكي وتشارلز روزنبرغ بتطوير شبكة (NetTalk) والتي هي شبكة عصبية اصطناعية من ثلاث طبقات، قامت الشبكة بتعليم نفسها نطق كلمات جديدة.

4. الشتاء الثاني للذكاء الاصطناعي (1987-1994)

بالرغم من التطور التدريجي للذكاء الاصطناعي وارتفاع عدد المهتمين وزوار المؤتمرات والمقالات البحثية، الا ان الاجهزة كانت مكلفة للغاية. وبالتالي بدأت مرحلة الركود الثانية للذكاء الاصطناعي بفعل التكلفة العالية.

5. العصر الحديث (1994- اليوم)

كان اول إنجاز كبير للذكاء الاصطناعي في سنة 1997، اين هُزم الانسان (بطل العالم) في لعبة الشطرنج على يد الآلة.

انطلاقا من سنة 2010، برز التعلم العميق واستخدام البيانات الضخمة، ما أنتج عدد من التطبيقات التي تستخدم التعرف على الصور وعلى الكلام وفهم اللغة الطبيعية وغيرها.

في سنة 2016، حقق الذكاء الاصطناعي انجازا باهرا اخر، هذه المرة في لعبة “جو” (Go) المعقدة والصعبة. فقد قامت شركة جوجل ببرمجة AlphaGo التي هزمت بطل العالم في هذه اللعبة. وتمثل الانجاز في ان AlphaGo قامت بتعلم اللعبة وقوانينها بالاعتماد على تقنية تعلم الالة بنفسها بدون اي برمجة سابقة. في السنوات الاخيرة، شهدنا ايضا روبوت “صوفيا” الذكي، الذي استطاع محاكات علاقات ومحادثات شبه حقيقية مع البشر.

لا يزال الذكاء الاصطناعي مستمرا في تطوره الى يومنا هذا، وسنرى في السنوات القادمة تطبيقات أكثر في مجالات اخرى. وسيصبح استخدامه ابسط وأسهل وصولا مثل استخدام مساعد جوجل او سيري.

مشروع دارتموث البحثي

مشروع دارتموث هو ورشة عمل صيفية انعقدت في عام 1956 في كلية دارتموث، هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية. جمعت بين أربعة باحثين هم: جون مكارثي، مارفن مينسكي، ناثانييل روتشستر، كلود شانون. وهدفت هذه الورشة الى القيام بأبحاث عن وسائل تجعل الآلة قادرة على محاكاة بعض من جوانب الذكاء البشري. وقد حملت هذه الورشة خروج مصطلح الذكاء الاصطناعي للمرة الاولى ما اثار الانتباه وقتها.

تقنيات الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي اليوم هو مجال واسع تندرج تحته عدة فروع او تقنيات. من أبرز التقنيات الموجودة حاليا والتي حققت تطورا متقدم:

1. تعلم الآلة والتعلم العميق

تعلم الالة (Machine Learning) هو تقنية تعتمد على شبكات عصبية صناعية تم تطويرها لمحاكاة طريقة عمل الدماغ البشري. وهي التقنية التي تجرب وتتعلم وتتطور ذاتيا بدون تدخل الانسان او برمجة مسبقة. وقد نجح تعلم الالة على التعرف على الصور وفهم اللغة الطبيعية والترجمة بين اللغات. وقد قامت شركتي جوجل وميتا (فيسبوك سابقا) بالاستثمار وتكثيف الابحاث في هذه التقنية. وتتكون تقنية تعلم الالة من 4 انواع هي:

  • التعلم الموجه: هو تعلم العلاقة بين المدخلات والمخرجات بالاعتماد على البيانات المصنفة مسبقا.
  • التعلم غير الموجه: تعلم استخلاص الانماط من بيانات غير مصنفة.
  • التعلم المعزز: هو تعلم الالة التفاعل مع البيئة المحيطة بها.
  • التعلم العميق: وهو التعلم باستعمال شبكات عصبية تعالج البيانات بطبقات متعددة.

2. معالجة اللغة الطبيعية

تقنية معالجة اللغات الطبيعية (Natural Language Processing) التي يستخدمها البشر تقوم بعدة مهام منها توليد وانشاء النصوص، الاجابة والرد على اسئلة المستخدمين، بالإضافة الى الترجمة الالية للنصوص من لغة الى اخرى. يمكنها كذلك معالجة الكلام، عن طريق تحويل الكلام الى نص او العكس.

3. رؤية الحاسب

تقنية رؤية الحاسب (Computer Vision) تقوم بالتعرف على الاشياء والاشخاص. هي تقنية تحدد الاشياء والاشخاص من خلال الصور ومقاطع الفيديو اضافة الى الصوت.

4. الأتمتة والروبوتات

تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في أتمتة العمليات سواء باستخدام الروبوت الصناعي في المجالات الصناعية او الروبوت الخدمي في المجالات الاخرى التجارية والشخصية.

أنواع الذكاء الاصطناعي

يوجد اربعة انواع من الذكاء الاصطناعي. اول نوعين موجودين على ارض الواقع، فيما النوعين الاخيرين موجودان كنظريات فقط الى غاية يومنا هذا. تتدرج هذه الانواع من الأبسط والذي يقوم بمهام أساسية وبسيطة الى الاكثر تعقيدا والتي تعتبر كيان واعي. فيما يلي سنتعرف على هذه الانواع:

1. الآلات التفاعلية (Reactive Machines)

هي الات تستعمل نوع بسيط من الذكاء الاصطناعي في تنفيذ المهام الاساسية لا غير حيث تعتمد على المدخلات لإنتاج المخرجات. من امثلة الآلات التفاعلية جهاز DeepBlue الذي تمكن من هزيمة بطل العالم في الشطرنج.

2.  الذاكرة المحدودة (Limited Memory)

يستعمل هذا النوع الذاكرة المحدودة لتخزين البيانات من أجل استخدامها في التنبؤ مستقبلا. مثلا السيارات ذاتية القيادة تستخدم هذا النوع من الذكاء فهي تخزن بيانات متعلقة بحالة الطرق وبيانات متعلقة بالسيارات الأخرى، وبناء على معالجتها لهذه البيانات تقوم باتخاذ القرارات كأي طريق تسلكه أو رد الفعل اتجاه عامل معين، الخ.  

3.  نظرية العقل (Theory of Mind)

لا يزال هذا النوع مجرد نظرية تقول ان الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا على فهم الكيانات التي يتفاعل معها. يقوم العلماء حاليا بالعمل على تطوير هذا النوع، حتى تكون الآلات وأنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على فهم المشاعر والاحتياجات وحتى المبادئ.

4.  الوعي الذاتي (Self Aware)

مستقبلا، يرجح العلماء على اننا سنشهد نوعا اخر من الذكاء الاصطناعي يكون أكثر تعقيدا وتطورا. هذا النوع شبيه بما نراه في أفلام الخيال العلمي، اين ستصبح الالة ذات وعي وذكاء مستقل ـ الفكرة حماسية ومرعبة في نفس الوقت، اليس كذلك؟

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي ان يساعدنا الان ومستقبلا؟

ككل التقنيات والابتكارات الأخرى، يسعى العلماء الى تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسانية، كما يسعى رواد الأعمال الى جعله مصدر ثروة. بين هذا وذاك فان الذكاء الاصطناعي يتمتع بقدرات كبيرة واحتمالات متنوعة ليكون الثورة التكنولوجية التي ستخدم البشرية بشكل لم نشهد له قبيل، كما ستغير حتما من شكل العالم كما نعرفه اليوم. سنرى عن كثب أهم المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يثريها:

1. الذكاء الاصطناعي في التعليم

يستطيع الذكاء الاصطناعي إضفاء فائدة كبيرة في العملية التعليمية، على سبيل المثال التعليم المخصص (Personalized Learning) اين يمكن تخصيص الأنماط الملائمة والتجربة التعليمية الأفضل للأشخاص بناء على تحليل قدراتهم خبراتهم المسبقة. كذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي اعفاء المعلمين من المهام الإدارية ليركزوا أكثر على العملية التعليمية. يمكن للذكاء الاصطناعي جعل التعليم متاحا للجميع بفرص متكافئة من خلال كسر الحواجز الجغرافية واللغوية.  

2. الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية

في الرعاية الصحية، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، وقد تم ذلك بالفعل! فيما يلي بعض الأمثلة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة والرعاية:

  • قامت شركة (Coala Life) بتطوير جهاز ذكي يكشف عن أمراض القلب.
  • طورت منظمة (Cambio Health Care) نظام دعم سريري يقوم بالوقاية من السكتة الدماغية، حيث يقوم بإرسال اشعارات تنبيهية للتحذير من إمكانية المريض بسكتة قلبية.
  • تعمل شركة (Aifloo) على تطوير نظام يقوم بتتبع المسنين ومساعدتهم في القيام بالأنشطة الروتينية.

3. الذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية

العديد من البنوك اليوم تستعمل الذكاء الاصطناعي بالفعل! وتعتبر الخدمات المصرفية من القطاعات التي نما بها الذكاء الاصطناعي بشكل سريع. حيث يستعمل في خدمة العملاء وفي الكشف عن حالات الاحتيال. فشركة (MasterCard) تستعمله لتحليل المعاملات البنكية للكشف عن الاحتيال ومنعه. فيما بنك (HDFC) الهندي طور روبوت محادثة يدعى (EVA) أو (Electronic Virtual Assistant) والذي عالج ثلاث ملايين استفسار في خدمة العملاء ومليون محادثة ونصف مليون تفاعل مع العملاء.

4. الذكاء الاصطناعي في التسويق

التجارة الإلكترونية سهلت علينا البحث عن المنتجات والتسوق عبر الانترنت وذلك بفضل الذكاء الاصطناعي. فبمجرد ولوجك للإنترنت ستجد العديد من الإعلانات لأمور كنت تبحث عنها. من أفضل الأمثلة لاستعمال الذكاء الاصطناعي في مجال التسويق هو شركة نتفليكس (Netflix) التي تستخدم تقنيات التنبؤ وفقا لسلوك المشاهد وتفضيلاته.

5. الذكاء الاصطناعي في الفضاء

الاكتشافات الفضائية تستوجب تحليل كم هائل من البيانات الضخمة، وهي المهمة التي سهلها الذكاء الاصطناعي. قام علماء الفلك بمعالجة البيانات المجمعة بواسطة تليسكوب كيبلر (Kepler) بفضل الذكاء الاصطناعي.

6. تحسين الإنتاجية ورفع الجودة والكفاءة

بشكل عام، وفي كل المجالات، فان للذكاء الاصطناعي اسهاما كبيرا في تحسين الإنتاجية ورفع الكفاءة وزيادة الإمكانات في الأعمال. فهو قادر على أتمتة العديد من العمليات والمهام والأنظمة مما يسمح للإنسان بالانشغال بأمور أخرى تتطلب التفكير والابداع البشري. كما ان قدرة الذكاء الاصطناعي في معالجة وتحليل البيانات الضخمة هي قدرة هائلة لا يمكن للإنسان تحقيقها.

مخاطر الذكاء الاصطناعي

اكتسب الذكاء الاصطناعي شهرة وجدلا كبيرا منذ ظهوره. ومع تزايد انتشاره وسهولة الوصول اليه، بدأت مخاوف الناس تتزايد هي الأخرى. وانقسم الناس الى معسكرين، معسكر متخوف ومعسكر متحمس.

يُعزي المعسكر المتخوف اسباب تخوفه من الذكاء الاصطناعي لعدة اسباب تتمثل اساسا في قدرة الآلات الذكية على اخذ دور البشر وبالتالي اضمحلال البشرية شيئا فشيئا. سنذكر أهم الاسباب كما يلي:

1. ندرة فرص الشغل

لان الالة الذكية قد سبقت القدرات البشرية في العديد من الميادين، فقد أصبح الناس يخشون من ان لا تتاح لهم الفرصة لإيجاد وظيفة، وان تقوم الالة بتعويضهم في تأدية العديد من المهام.

2. الانعكاسات على استقلالية وحرية وأمن الانسان

تعتبر حرية وامن الافراد من أكثر الامور اثارة للجدل عندما يتعلق الامر بالذكاء الاصطناعي. لقد قامت دولة ايطاليا بحظر تطبيق ChatGPT بسبب انتهاك قوانين خصوصية البيانات – حسب ما تم اعلانه. يرى الكثيرون ان الذكاء الاصطناعي هو قوة لها العديد من التداعيات على أمن الانسان ويتخوفون من عدم القدرة على السيطرة على انعكاساته.

3. تجاوز البشرية

أكبر المخاطر الأخلاقية، هي قدرة الالة الذكية على التطور مستقبلا الى مستوى متقدم للغاية ما يجعلها ذات وعي وقادرة على تصميم نفسها ذاتيا، ما سيليه تجاوزها للإنسان.

من أهم الشخصيات المعروفة المتخوفة من الذكاء الاصطناعي، نجد العالم الراحل ستيفن هوكينغ الذي حذر في سنة 2014 من قدرة الآلات على تصميم نفسها بشكل ذاتي ما سيمهد فناء الجنس البشري. أما بيل غيتس والذي صرح مؤخرا “لقد بدأ عصر الذكاء الاصطناعي” عبر مقال على مدونته، قد صرح سابقا “أنا في معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق” في اشارة الى رغبته في ان تبقى الآلات غبية. ينضم لهما ايلون ماسك الذي يعتبر الذكاء الاصطناعي أكبر خطر يهدد الوجود البشري، حتى انه يقوم باستثمار أموال هائلة في معرفة كيفية التعامل واكتشاف مخاطر الذكاء الاصطناعي.

على النقيض، نجد الكثيرون الذين يشجعون على استعمال الذكاء الاصطناعي ويعدمون اي احتمال لمخاطره على الجنس البشري. حيث يجادلون بأن التقنيات الذكية ستحتاج الى سنوات عديدة لتتطور، ولأن تطورها بطيء فلا داع للقلق. وكما هو الحال مع البحث والتطوير، فان وصول الذكاء الاصطناعي الى ما يخشاه الناس لن يكون بين ليلة وضحاها، بل سيكون نتاج لتطور العلوم الحالية والى تطوير العديد من الابتكارات.

الأفكار الختامية

الابتكارات البشرية لطالما قوبلت بالكثير من الشكوك والمخاوف في بداياتها، والأمر ينطبق على الذكاء الاصطناعي. الآن وقد بدأنا عصر الذكاء الاصطناعي، فما الذي يحمله المستقبل له؟ هل سيكون تكنولوجيا ثورية بحق تغير معالم العالم وتخدم الانسانية؟ ام انه سيكون خطرا على البشرية؟