مستقبل بلا احتكاك؟ الجرافيت عديم الجاذبية يحدث ثورة في مجال الرفع المغناطيسي

مستقبل بلا احتكاك؟ الجرافيت عديم الجاذبية يحدث ثورة في مجال الرفع المغناطيسي

أجرى باحثون من معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا (OIST) في اليابان تجربة ثورية تمثلت في تعليق قطعة من الجرافيت عديم الجاذبية. وذلك باستخدام تقنية مبتكرة للرفع المغناطيسي. يعتبر هذا الإنجاز العلمي تطورا كبيرًا في مجال الرفع المغناطيسي. حيث يتجاوز قيود الطرق التقليدية التي تعاني من فقدان الطاقة بسبب التيارات الدوامة.

 كيف يعمل الرفع المغناطيسي المبتكر؟

يكمن جوهر هذا التطور في مادة جديدة مستخلصة من الجرافيت ومعالجة كيميائيًا لتصبح عازلة للكهرباء. بفضل هذه المعالجة المبتكرة، تمكن الجرافيت من التحليق في الفراغ. متجاوزا تحديات فقدان الطاقة الناتجة عن التيارات الدوامة وتدفق التيار الكهربائي داخل المادة.

وتستفيد منصة الرفع التي حلق فوقها الجرافيت من الخواص الديامغناطيسية (النفاذية المغناطيسية) للجرافيت؛ ليتنافر بقوة مع المغناطيس. وقام الباحثون بطلاء حبيبات مجهرية من الجرافيت بالسيليكا (ثنائي أكسيد السيليكون). وخلط المسحوق المغلف بالشمع لتشكيل لوحة مربعة رقيقة بحجم سنتيمتر واحد لتتحرك هذه اللوحة فوق شبكة من المغناطيس. بعدها تبدأ عملية التشغيل التي تتمثل في مراقبة مستمرة لحركة المنصة وتطبيق قوة مغناطيسية معاكسة لتخميد حركة اللوحة. مما يؤدي بشكل فعلي إلى تبريدها وتقليل طاقتها الحركية بشكل كبير.

إمكانات هائلة في العديد من المجالات

يفتح عرض تحليق الجرافيت عديم الجاذبية الباب للعديد من التطبيقات المحتملة، أهمها:

  • مستشعرات عالية الحساسية: يمكن الاستفادة من منصة الرفع هذه لتطوير مستشعرات عالية الحساسية. لإجراء قياسات دقيقة تتجاوز قدرات أجهزة قياس التسارع الأخرى وحتى الذرية منها. لتجد هذه المستشعرات تطبيقات في مجالات مثل الفيزياء والكيمياء والهندسة.
  • توليد الطاقة: على المدى البعيد، يمكن أن يمهد هذا الإنجاز الطريق لتطوير تقنيات جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية. حيث يسعى الباحثون لاستكشاف إمكانيات استخدام هذه التقنية لتوليد طاقة جديدة. تشبه إلى حد بعيد الطاقة الكهرومائية ولكنها تعتمد على الجاذبية بدلًا من الماء.
  • التقانة الحيوية: يمكن استخدام تقنية الرفع المغناطيسي الجديدة لدراسة تأثيرات انعدام الوزن على الكائنات الحية على مستوى الخلوي. والذي من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة في مجالات مثل النمو الجنيني وأبحاث الخلايا الجذعية. مما قد يؤدي إلى تقدم ملحوظ في التقانة الحيوية والطب.

 تحديات في التطوير

وعلى الرغم من الإنجاز الكبير الذي حققه الباحثون في مجال الرفع المغناطيسي. إلا أن تطوير هذه التقنية لتطبيقات عملية يواجه عدة تحديات ينبغي التغلب عليها لاستغلالها على أكمل وجه. أولها تحدي التصميم والهندسة. ففي بيئة تنعدم منها الجاذبية، تلعب قوى التوتر السطحي، والذي يجعل الطبقة السطحيّة لأي سائل تتصرف كورقة مرنة، دورًا أكبر في سلوك النظام. لذلك، ستتطلب العمليات التي تعتمد على التحكم في السوائل أو ظروف التدفق إعادة تقييم وتصميم لتلائم ظروف انعدام الجاذبية. كما يؤثر انعدام الجاذبية أو انخفاضها على خصائص القطعة النهائية وعمليات التصنيع نفسها. يتطلب هذا الأمر دراسة معمقة لفهم هذه التأثيرات وتطوير حلول هندسية مناسبة.

كما توجد تحديات في توفير حركة دقيقة في ظروف انعدام الجاذبية. حيث تعتمد أنظمة التصنيع الحالية على محركات خطية ثلاثية المحاور (X, Y, Z) لتوفير حركة دقيقة. لكن في ظروف انعدام الجاذبية، يصبح فهم وتصميم حركة دقيقة أمرًا أكثر تعقيدا وضروريًا. في نفس الوقت لضمان هندسة متناسقة وأبعاد يمكن التنبؤ بها للمنتجات المصنعة.

يمثل عرض تحليق الجرافيت عديم الجاذبية تقدمًا هائلاً في مجال الرفع المغناطيسي. إذ يفتح آفاقا جديدة للقياسات الدقيقة وتطوير المستشعرات والاستكشاف العلمي في مجالات متنوعة. كما يبشر هذا الإنجاز أيضًا بإمكانية تطوير تطبيقات عملية لها تأثيرات بعيدة وقريبة المدى نتوق لاكتشافها في المستقبل.

من اعداد: جميل قروش