يعرف مجال استكشاف الفضاء قفزة كبيرة إلى الأمام مع تطوير طلاب من المعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ (ETH Zurich) لروبوت ثلاثي الأرجل يُدعى “نطاط الفضاء” (SpaceHopper). وهو مصمم خصيصًا للتغلب على تحديات الجاذبية المنخفضة على الكويكبات والأقمار.
قفزات ذكية: تصميم مبتكر لحركة أكثر رشاقة
يكمن سر براعة هندسة “نطاط الفضاء” في تصميمه المبتكر المحسن لأنماط الحركة الديناميكية في بيئات الجاذبية المنخفضة. هذا الروبوت صغير الحجم، حيث تزن كل ساق له كيلوجرام واحد فقط. وهو مجهز بمكونات مصممة لتحمل الظروف الفضائية القاسية. وعلى عكس الأساليب التقليدية التي تعتمد على أجهزة تحديد السرعة الزاوية (Giroscopes) أو مخازن الطاقة الدورانية (Fly-Wheels)؛ لا يقتصر استخدام “قفاز الفضاء” لأرجله الثلاثة على الدفع فحسب. بل يستخدمها أيضًا لإعادة التوجيه في منتصف الهواء. وهو أمر بالغ الأهمية للهبوط الدقيق.
يتم تسهيل هذه الطريقة الجديدة من خلال تزويده بالذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم العميق (Deep Learning) المدمجة فيه والتي تتحكم بحركة الساق. مما يتيح للروبوت التكيف بسرعة مع البيئات المتغيرة. يركز هذا الروبوت على مراحل الطيران الممتدة، إلى جانب تحكمه الذكي في الأرجل. مما يجعله الخيار الأمثل للاستكشاف الرشيق للكويكبات والأقمار.
وأظهر الروبوت النطاط قدرات استثنائية في محاكاة لجاذبية كوكب سيريس (Ceres) (0.029 جرام). حيث تمكن من تنفيذ قفزات موجهة بنجاح إلى مواقع محددة تصل إلى 6 أمتار. وتعزز التجارب الواقعية هذه القدرات المذهلة. حيث أثبت “نطاط الفضاء” قدرته على إعادة توجيه نفسه إلى وضعية هبوط آمنة بدقة عالية. مع هامش خطأ لا يتجاوز 9.7 درجة، وذلك باستخدام إطار دوار. وتنفيذ قفزات حتى تحت جاذبية الأرض في إعداد باستخدام ثقل موازن. ما يبرهن على قدرته على التكيف مع ظروف الجاذبية المختلفة.
ما وراء القفزات: أهمية نطاط الفضاء بالنسبة لاستكشاف الفضاء
تتخطى أهمية النطاط الفضائي” مجرد كونه روبوتا ذا قدرات تقنية عالية. فهو يلعب دورًا هامًا في الاستكشاف العلمي واستغلال موارد الأجرام السماوية ذات الجاذبية المنخفضة. حيث تبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة لاستكشاف الفضاء ذي الجاذبية المنخفضة. بعد أن كانت تواجه المركبات ذات العجلات، مثل مركبات المريخ الجوالة، قيودًا كبيرة في بيئات الجاذبية المنخفضة بسبب مشاكل الجر والتضاريس الوعرة. وبينما تقدم الأساليب البديلة، مثل روبوتات التسلق ذات الأرجل وأنظمة المشي الديناميكية، بدائل واعدة. إلا أنها غالبًا ما تفتقر إلى الكفاءة والتنوع اللازمين للاستكشاف الواسع النطاق.
يسد “نطاط الفضاء” هذه الفجوة من خلال الجمع بين رشاقة أنظمة المشي الديناميكية. والقدرة على التكيف مع البيئات المتنوعة في هذه الظروف. يضمن تصميمه ثلاثي الأرجل ثباتًا استثنائيًا مع تمكين الانتقال الفعال عبر تضاريس متنوعة. بدءًا من السهول الملساء إلى التضاريس الوعرة. حيث يحاكي القفاز القطط في رشاقته، ليحط على سيقانه بعد كل قفزة.
وتتمثل إحدى المزايا الرئيسية لـ “نطاط الفضاء” في اعتماده على التحكم في الاتجاه باستخدام الأرجل. مما يلغي الحاجة إلى أنظمة فرعية إضافية مثل عجلات رد الفعل. يُساهم ذلك في تبسيط تصميمه وتقليل وزنه. مما يجعله أكثر كفاءة وسهولة في المناورة في بيئات الفضاء القاسية. وبينما مهدت روبوتات الاستكشاف السابقة الطريق لفهم بيئات الجاذبية المنخفضة. يمثل “نطاط الفضاء” نقلة نوعية مصممة خصيصًا لمواجهة تحديات استكشاف الكويكبات والأقمار. فمن خلال دمج قدرات الطيران الممتدة في مجموعة حركاته. يتمتع “نطاط الفضاء” بقدرة استثنائية على التغلب على العوائق بسرعة. والتنقل بكفاءة عالية عبر التضاريس الصعبة.
يُمثل “نطاط الفضاء” أداة ثورية في مجال استكشاف الفضاء ذي الجاذبية المنخفضة. فهو يجمع بين مزايا متعددة تجعله الخيار الأمثل للتنقل بكفاءة عالية واكتشاف الكويكبات والأقمار. ومع استمرار اهتمامنا بالاستكشاف العلمي واستغلال موارد الأجرام السماوية. ستساهم الابتكارات الهندسية البارعة مثل “نطاط الفضاء” بشكل كبير في توسيع نطاق معرفتنا بالكون وفهم إمكانياته الهائلة.
من اعداد: جميل قروش