روبوتات بشرية تنظم الى مصانع مرسيدس بنز في خطوة محورية ستغير مسار صناعة السيارات والتصنيع الى الأبد. حيث عقدت مرسيدس بنز شراكة مع أبترونك (Apptronik) الرائدة في مجال صناعة الروبوتات. يمثل هذا التعاون مرحلة لا سابق لها في تطور الصناعة بشكل عام. أين تستعد الروبوتات البشرية لتولي زمام الأمور على خط التجميع لتحدث ثورة في نماذج التصنيع التقليدية.
أهم ما جاء في هذا المقال
- تعاون استراتيجي بين شركة أبترونك (Apptronik) الرائدة في مجال تطوير الروبوتات ومرسيردس بنز لإدراج روبوتات بشرية متطورة ضمن خط التجميع في مصانع شركة السيارات.
- تقوم الروبوتات البشرية بأداء مهام متنوعة على خطوط التجميع، حيث تهدف إلى تعزيز كفاءة الإنتاج وتعزيز مستويات السلامة داخل المصانع.
- يعمل روبوت أبولو (Apollo) في مصانع مرسيدس بنز على جلب الأجزاء وحملها، بالإضافة إلى تنفيذ المهام اليدوية البسيطة التي تحتاج إلى دقة وسرعة في التنفيذ.
- يتمتع روبوت أبولو بقدرة استثنائية على التنقل والتكيف مع البيئة المحيطة بشكل يشبه تمامًا قدرات البشر، مما يسهل دمجه في بيئة العمل الصناعية.
- يتضمن التعاون بين شركة أبترونك وشركة أنفيديا (NVIDIA) جهودًا لتعزيز قدرات الروبوتات البشرية من خلال تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تطويرها.
- تتمثل التحديات المستقبلية في تحديد فعالية الروبوتات البشرية ومقارنتها بالتكاليف، بالإضافة إلى تأثيرها المحتمل على سوق العمل والقوى العاملة.
- تتركز الأنظار على تأثير هذه التطورات على صناعة السيارات ومستقبل التصنيع بشكل عام، حيث يمثل هذا التطور نقطة تحولية في الطريقة التي يتم بها إنتاج السلع وتنظيم العمل.
ما هي مهام الروبوتات البشرية في مصانع مرسيدس؟
في إعلان رسمي صدر في الخامس عشر من مارس، أبرمت مرسيدس بنز (Mercedes-Benz) وأبترونك (Apptronik) صفقة تسمح بتبني عملاقة تصنيع السيارات الفاخرة للروبوتات البشرية (Humanoid Robots) لتعمل في منشآت التصنيع التابعة لها. وتحديداً نموذج أبولو (Apollo) الذي طورته شركة أبترونيك لتأدية المهام اليدوية البسيطة وتعزيز الكفاءة على خط التجميع بشكل عام. اذ يبلغ طول أبولو حوالي 1.77 مترا ويزن ما يقارب 73 كيلوغراما. ويتمتع بالقدرة على رفع ما يصل إلى 25 كيلوغراما. وهو ما يجعله شريكًا مثاليًا لنظرائه من البشر.
وتريد مرسيدس بنز استخدام أبولو لمهام مختلفة على خط التجميع. ستتضمن إحدى وظائفه الأساسية جلب الأجزاء وحملها. مما يخفف من عبء العمل اليدوي المكرر على العمال البشريين. وسيقلل أيضا من مخاطر الإصابات المحتملة من رفع الأشياء الثقيلة. بالتالي فمن المتوقع أن يكون الأثر الأساسي من دمج الروبوتات البشرية في المصانع هو تعزيز كفاءة الإنتاج من خلال أتمتة المهام المتكررة. بحيث يتم تفريغ العمال البشريين للتركيز على أنشطة أكثر تعقيدًا تتطلب مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي. ليؤدي ذلك الى وسط عمل أكثر إنتاجية وكفاءة للموظفين البشر.
وعلى المدى الطويل، لن تقتصر مهام أبولو على المهام اليدوية بل ستوّكل قدراته في مهام أخرى من التجميع والفحوصات. حيث تسمح له القدرة على مناورة المحيط الذي يتواجد فيه بالتعامل مع عمليات التجميع الأساسية أو إجراء فحوصات بصرية لأجزاء السيارة. كما يمكن الاستفادة من هذه الروبوت البشرية لتسليم الأجزاء إلى مواقع محددة داخل خط الإنتاج من أجل سير العمل بشكل أكثر سلاسة.
ما الذي يميز أبولو عن باقي الروبوتات التقليدية؟
يتميز أبولو بقدرته على العمل لمدة حوالي أربع ساعات على عبوة بطارية واحدة. وعلى عكس الروبوتات الصناعية التقليدية المحصورة في مساحات عمل محددة، يسمح شكله البشري بالتنقل في البيئات المصممة للبشر. وهذه القدرة على التكيف تعتبر ميزة مهمة للمصانع التي قد لا يتم إعادة تصميمها على نطاق واسع لدمج الروبوتات في المستقبل.
وبما أن السلامة معيار أساسي ينبغي اخذه بعين الاعتبار عند أي تعامل للبشر مع الروبوتات. طورت شركة أبترونيك ابولو ببنية فريدة من نوعها تضمن التشغيل الآمن حول الأشخاص. حيث تسمح هذه التكنولوجيا للآلة بتعديل قوته لمنع الاصطدامات أو الإصابات أثناء التفاعلات مع العمال البشريين.
بالإضافة إلى ذلك، يضع تصميم أبولو الأولوية لسهولة الاستخدام مع ميزات مثل شاشة تعرض المعلومات و”وجه” قابل للتشخيص يمكنه التعبير عن “مشاعر”. الهدف من ذلك تعزيز التعاون بين الروبوتات وزملائه البشر بشكل سلس.
شراكة بين أبترونك و أنفيديا (NVIDIA)
وتعاونت أبترونك مع شركة أنفيديا (NVIDIA)، عملاقة إنتاج المعالجات وبطاقات العرض المرئي ومجموعات الشرائح للكومبيوتر، لتعزيز قدرات روبوتاتها البشرية. فمن خلال مشروع غروت (GR00T)، يكتسب أبولو القدرة على تعلم مهام جديدة بسرعة من خلال العروض التوضيحية البشرية. مما يسمح له للقيام بمهام أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
ووفقًا لجيف كارديناس (Jeff Cardenas)، مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أبترونك، فإن استخدامهم الحالي للذكاء الاصطناعي التوليدي يركز على إنشاء النصوص والصور والفيديو. وبالتالي فإن الهدف الأساسي هو الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي هذه لغرس سلوك ذكي في الروبوتات البشرية. وكون نظام الحوسبة الأساسي في أبولو يتضمن وحدات أنفيديا، يمكّن ذلك الروبوت الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي من القيام بمهام متنوعة واستيعاب المعرفة من مصادر متعددة. حيث يمكن من خلال هذا التعاون أن يستخدم مطورو الروبوتات البشرية النصوص والفيديو والعروض التوضيحية كمراجع للآلة. وتعليم أبولو مهارات مثل التنسيق والابتكار، وتطوير ردود أفعال للروبوت البشري. فالهدف هنا هو أن يفهم أبولو محيطه ويتوقع الأفعال المستقبلية ويتطور إلى أبعد من مجرد تكرار البيانات التي درب عليها.
مجرد تحول في الأدوار وليس استبدال
أثار استخدام مرسيدس للروبوتات البشرية مخاوف بشأن فقدان الوظائف في قطاع صناعة السيارات. الا أنه من المهم فهم الدور الذي صُمم من أجله أبولو. ففي واقع الأمر هذه الروبوتات مصممة للعمل جنبًا إلى جنب مع البشر، وليس لاستبدالهم. وصرح يورغ بورزر (Jörg Burzer)، رئيس إدارة الإنتاج والجودة وسلسلة التوريد في مرسيدس بنز، قائلًا: “هذه حدود جديدة ونريد أن نفهم إمكانات كل من الروبوتات وصناعة السيارات لسد نقص العمالة في مجالات العمل منخفضة المهارة والمتكررة والشاقة جسديًا. ولتحرير أعضاء فريقنا ذوي المهارات العالية على خط الإنتاج لبناء أفضل السيارات المرغوبة في العالم”.
ومن المحتمل أن يشتمل مستقبل وظائف صناعة السيارات على تحول نحو بيئة أكثر تعاونية بين الإنسان والروبوتات. ومع هذا المشهد المتغير سيكون من الضروري إعادة تأهيل القوى العاملة الحالية للتكيف معه. ومن جهة أخرى، سيستلزم تطوير وصيانة هذه الروبوتات خلق وظائف جديدة بحد ذاتها.
الروبوتات البشرية تستحوذ على صناعة السيارات
لا يعتبر تعاون مرسيدس بنز مع شركة أبترونك تطورًا منعزلاً. لأن صناعة السيارات تشهد ارتفاعًا في تبني الروبوتات البشرية لتأدية مختلف المهام. ومن المبادرات المماثلة في قطاع صناعة السيارات نجد (BMW) التي أعلنت عن برنامج تجريبي لمصنعها مع شركة فيغر (Figure). وهذه الأخيرة هي شركة أخرى تعمل على تطوير روبوتات بشرية. كما كشفت تيسلا (Tesla) عن إمكانات أوبتموس (Optimus) وهو روبوت بشري قيد التطوير. يتوقع منه أن يصبح لاعبا رئيسيا في مجال تصنيع السيارات في المستقبل.
وتتجاوز استخدامات الروبوتات البشرية المحتملة خط التجميع في مصانع السيارات. حيث يمكن تشبيهها بهاتف ذكي يسمح بالاستفادة من خدمات متعددة تتجاوز المصنع. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تلعب الروبوتات الآلية دورًا في قطاعات مثل الخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والضيافة.
ورغم هذه التطلعات، يبقى من المهم أيضًا مراعاة الاعتبارات الاقتصادية. حيث لم يتم تحديد بعد ما إذا كانت الروبوتات البشرية أكثر فعالية من حيث التكلفة، مقارنة بالخيارات الأخرى على المدى الطويل. وستعتمد الإجابة على هذا السؤال على عوامل مثل تكلفة تطوير وصيانة الروبوتات، بمقارنة بالتكاليف التي تم توفيرها نتيجة تحسن الكفاءة والإنتاجية في العمل.
الأفكار الختامية
ان التعاون بين مرسيدس بنز وأبترونك عبارة عن خطوة محورية في تاريخ التصنيع. ومع التطوير المستمر في تأدية للمهام والأدوار التقليدية ندخل إلى حقبة جديدة من الابتكار والتعاون مع الآلات الذكية. ولا شك أن هذا التنافس بين شركات صناعة السيارات لتطوير وتبني أفضل نماذج الروبوتات البشرية سيؤدي إلى ابتكارات جديدة في السنوات المقبلة. ويبقى أن نرى كيف ستغير هذه التطورات مستقبل التصنيع بشكل عام، ومجال صناعة السيارات على وجه الخصوص.
من اعداد: جميل قروش